المبحث الثاني
قوله تعالى (الحمد لله رب العالمين)
الحمد هو الثناء على المحمود بأفضاله وأنعامه
المدح : هو الثناء على الممدوح بصفات الجلال و لكمال
فالحمد ثناء على الله تعالى بما أنعم عليك و ما أعطاك فإذا قيل أن فلانا حمد فلانا فمعناه أنه شكره على إحسان قدمه إليه لكن إذا قيل مدحه فلا يلزم أن يكوم مدحه بشي قدمه بل بسبب مثلا بلاغته و فصاحته أو قوته الى غير ذلك
فالحمد فيه معنى الشكر و معنى الاعتراف بالجميل والسورة تبدأ بالاعتراف و الاعتراف فيه معنى عظيم لانه إقرار من العبد بتقصيره و فقره و حاجته و اعتراف لله جل و علا بالكمال و الفضل و الإحسان و هو من أعظم ألوان العبادة
وهذا قد يعبد العبد ربه عبادة المعجب بعمله فلا يقبل منه لانه داخله إعجاب لا يتفق مع الاعتراف و الذل فلا يدخل العبد على ربه من باب أوسع و أفضل من باب الذل له و الانكسار بين يديه فمن اعظم معاني العبادة : الذل له سبحانه
ولهذ ا كان النبي صلى الله عليه و سلم كثير الاعتراف لله تعالى على نفسه بالنقص و الظلم فكان يقول " اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا و انه لا يغفر الذنوب الا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك و ارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"
فبدء السور ة بـ (الحمد لله رب العالمين ) فيه معنى الاعتراف بالنعمة ولا شك أن عكس الاعتراف هو الإنكار و الجحود و هو الذنب الاول لابليس الذي أستكبر عن طاعة الله فإذا قال العبد (الحمد لله رب العالمين ) تبرأ من هذا كله فيقول "أعترف بأني عبد محتاج فقير ذليل مقصر وأنك الله ربي المنعم المتفضل "