إحصائية العضو
المدينة المنورة 17 محرم 1442 هـ الموافق 05 سبتمبر 2020 م واس إعداد : مكتب "واس" بالمدينة المنورة "تقرير وكالة الأنباء السعودية ضمن ملف الخدمة الإعلامية الثقافية لاتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)" تتبوأ المدينة المنورة مكانة عظيمة في أفئدة المسلمين، لما تحمله من إرث ديني وتاريخي بارز، فهي مدينة الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- وأحد أماكن، نزول الوحي على أفضل المرسلين ، وهي نبع الإيمان، وموطن أصحاب الإيمان، ومكان التقاء المهاجرين والأنصار، منها شعَّ نور الهداية، وإليها هاجر رسول الرحمة، وفيها عاش آخر حياته -صلى الله عليه وسلم- ، وفيها دُفن، ومنها يُبعث، وفيها قبره صلوات الله وسلامه عليه، وهي المدينة المباركة التي شرَّفها الله وفضّلها وجعلها خير البقاع بعد مكة المكرمة . ولمكانة المدينة المنورة الإسلامية والثقافية، والتاريخية، والاجتماعية، وما تضمه من أماكن ومعالم إسلامية وتاريخية ارتبطت بسيرة نبي الرحمة والهدى محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فقد حظيت بالرعاية والاهتمام والتطوير والبناء على مر العصور . وكان الحرم النبوي الشريف، ثاني الحرمين الشريفين الذي يفد إليه الملايين من المسلمين على مدار العام من أرجاء المعمورة، له السبق والأولوية في عمليات التطوير والبناء والتوسعات التي أقيمت وفق التصاميم المعمارية المناسبة. وشهد المسجد النبوي الذي بناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيديّه الشريفتين في السنة الأولى من الهجرة، بعد قدومه إلى المدينة المنورة مهاجرًا من مكة المكرمة، نحو 10 توسعات متعاقبة، أكبرها جرت في عهد الدولة السعودية، فيما بدأ بناء المسجد في عهد النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، إذ اختطّ الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام أرض المسجد فجعل طوله 30 متراً وعرضه 35 متراً، وجعلت القبلة إلى بيت المقدس، وحفر أساسه، وسُقف بالجريد، ونصبت أعمدته من جذوع النخل، وله ثلاثة أبواب، باب في مؤخرة المسجد، وكان يقال له "باب عاتكة" أو "باب الرحمة"، و"باب جبريل" وهو الذي يدخل منه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فيما جُعل في مؤخرة المسجد مكان مظلل يعرف "بالصٌفّة" وهو المكان الذي كان يأوي إليه الغرباء والمساكين . وبعد تحويل القبلة، أغلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الباب الكائن في الجدار الجنوبي، جدار القبلة الحالية، وفتح بدلاً منه باباً في الجدار الشمالي، جدار القبلة سابقاً، وترك جزءاً من المسجد في الجهة الشمالية لأهل الصفة . وتوالت توسعات المسجد النبوي في حقب زمنية مختلفة من الدول الإسلامية المتعاقبة عليه، كما حظي بالرعاية والاهتمام منذ توحيد المملكة العربية السعودية على يدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - وأبنائه من بعده الذين هيأوا جميع الإمكانات والبنى التحتية، وأطلقوا جملة من المشروعات الكبرى لخدمة المسجد النبوي وقاصديه، وتوسيع مساحته وتزويده بمختلف الخدمات اللازمة لخدمة المصلين والزائرين . وأجريت في عهده عدة إصلاحات للمسجد النبوي الشريف، ففي سنة 1365هـ لوحظ تصدع في بعض العقود الشمالية، وتفتّت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل مُلفت للنظر، فصدر أمر الملك عبدالعزيز بعد دراسة المشروع بإجراء العمارة والتوسعة للمسجد، وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيدٍ، مع توسيع الطرق حوله، إذ أعلن الملك عبدالعزيز في خطاب رسمي عام 1368هـ عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف، والبدء بالمشروع . وفي عام 1370هـ بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف، حيث انتهت عام 1375هـ العمارة والتوسعة في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - وكانت العمارة بالإسمنت المسلح، ونتج عنها أن أُضيف إلى مسطح المسجد 6033 متراً مربعاً، واحتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو، وهو ما كان صالحاً للبقاء وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12,271 متراً مربعاً، وأقيمت التوسعة مبنًى هيكلياً من الخرسانة المسلحة وهي عبارة عن أعمدة تحمل عقوداً مدببة، كما قُسم السقف إلى مسطحات مربعة شُكلت على نمط الأسقف الخشبية، وزخرفت بأشكال نباتية، وعُملت الأعمدة المستديرة تيجان من البرنز وزخرف أيضاً، أما المآذن فقد شيدت ليبلغ ارتفاعها 72 متراً، تتكون كل واحدة من أربعة طوابق تناسقت في شكلها مع المنائر القديمة للمسجد، كما حُليّت جدران المسجد بنوافذ جميلة وجُعل للمسجد صحنان مفصولان برواق بدلاً من واحد، وتمت تغطية أرضية المسجد بالرخام وأصبح للمسجد النبوي الشريف عشرة أبواب . وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله – ومع تزايد الأعداد الوافدة للمسجد النبوي وخاصة في موسم الحج، أصبح أمر توسعة المسجد النبوي الشريف ضرورياً، حتى يستوعب هذه الأعداد المتزايدة، حيث أصدر الملك فيصل - رحمه الله - أمره بتوسعة المسجد النبوي الشريف، وكانت التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط، حيث تمثلت التوسعة في إضافة 35 ألف متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف، ولم تتناول عمارة المسجد نفسها بل جُهزت تلك المساحة لإقامة مصلىً كبير ومظلل يتسع لعدد من المصلين، يُماثل عددهم داخل المسجد، ثم أضيفت مساحة 5550 متراً مربعاً وظُللت كذلك، مما أتاح المجال لاسـتيعاب أعداد أكثر من المصلين وكان ذلك سنة 1395هـ .