بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على افضل الخلق اجمعين
اما بعد ....
فإنه شىء خطير يفعله بعضنا إن لم يكن كلنا ... ونظن أن الأمر بسيط ....لا والله إن الامر أخطر من ما نتوقع .....
إنه المعايرة ... ، نعم ... أن تعايرى أخيك بمعصية قد تاب منها ... فانظرى عاقبة من يفعل ذلك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يفعله "
{ رواه الترمذى فى جامعه }
ومعنى هذا الحديث أن أى إنسان يعيّر أخاه المسلم بمعصية قد تاب منها فإنها ( أى المعصية ) صائرة إليه لا محالة ولا بد أن يعملها
وفى الحديث الشريف نفهم أن التعيير فيه نوع من الشماتة بالمعيّر
وفى الترمذى أيضا مرفو عا : " لاتظهر الشماتة لأخيك . فيرحنه الله ويبتليك "
ويحتمل أنه يقصد : أن تعييرك لأخيك بذنبه أعظم إثما من ذنبه . وأشد من معصيته . لما فيه من العجب بالطاعة , وتزكية النفس , وشكرها , والمناداة عليها بالبراعة من الذنب . و أن أخاك باء به .
ولعل كسرته بذنبه . وما أحدث له من الذلّة والخضوع , والإزدراء من نفسه , والتخلص من مرض الكبر والعجب , ووقوفه بين يدى الله ناكس الرأس , خاشع الطرف , منكسر القلب : أنفع له من طاعتك التى تجلب التكبر , والتكاثر بها والإعتداد بها , والمنة على الله وخلقه بها . فما أقرب هذا العاصى من رحمة الله .... وما أقرب هذا المذلّ من مقت الله
وإنك إن تبيت نائما وتصبح تائبا خير لك من أن تبيت قائما وتصبح معجبا ..... فإن المعجب لا يصعد له عمل ..... وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين
ولعل الله أسقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داءً قاتلاً هو فيك وأنت لا تشعر
فلله فى أهل طاعته ومعصيته أسرار لا يعلمها إلا هو ... ولا يطالعها إلا أهل البصائر ... فيعرفون منها بقدر ما تناله معارف البشر
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا زنت أمة إحداكم فليقم عليها الحد ولا يُثّرِب " { يثرب اى : يعير }
فإن الميزان بيد الله ... ولا يعلم أحدنا كرّات القدر وتقلباته
قال تعالى لأكرم الخلق : " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " { الإسراء : 74 }
وقال يوسف الصديق : " وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن و أكن من الجاهلين " { يوسف : 33 }
وقال صلى الله عليه وسلم : " ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل . إن شاء أن يقيمه أقامه , وإن شاء أن يزيغه أزاغه " ثم قال : " اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك , اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك "
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته